اعتدت من زمن بعيد قراءة الروايات والقصص الرومانسية، التي توحي بأن الجمال هو المهيمن فيها، وأن الشاب لابد وأن يكون وسيمًا؛ حتى يكون محط أنظار الفتاة، وأن الفتاة يجب أن تكون على قدر كبير من الجمال؛ حتى يعجب بها الشاب، وغير ذلك تكون علاقة غير متكافئة؛ حتى دار حديث ذات يوم يجمعني بصديقة ألقتها الأيام في حياتي صدقة.
أدعى وعد، وصديقتي نانسي، وقد تعرفت عليها أثناء ارتيادي لإحدى المولات الكبيرة لشراء بعض الملابس، ولفت نظري أنها شخصية لطيفة، وكانت تقوم بشراء أشياء جميلة لكل من تراها غير ميسر لها ذلك من رقة حالها، كان لها أثر لطيف وجميل عليّ، في السابق كان لدي نهم لشراء كل ما هو ثمين ولكن لي، تعلمت منها حب الإيثار، وتبدلت لدي المفضلات، وظللنا فترة نلتقي، وكانت من أفضل الصديقات اللائي صادقتهن، وتقدم لي أكثر من شاب للزواج ولأنها كانت الأقرب والأعز إلى قلبي أخبرتها بالأمر، طلبت مني أن نلتقي لنتبادل أطراف الحديث.
وعد: حقيقي وحشتيني أوووي يا نانسي، بقالنا كتير مش بنتقابل، كل دي غيبة؟
نانسي: أعذريني بقا إنتِ عارفة إني باخد كورسات على النت لغات، وترجمة عشان الشغل الجديد.
وعد: ربنا يوفقك يا حبيبتي، ربنا ييسر لك أمورك كلها يارب.
نانسي: حبيبتي ربنا يكرمك ويرزقك بكل دعوة أضعاف، وأردفت: المهم نتكلم عن موضوع العرسان بقا، عايزة أسمع منك كل حاجة، والمهم أنت مرتاحة لمين؟
وعد: شوفي يا ستي في شاب ما شاء الله طول بعرض وعنده شركة كبيرة وسنه مناسب جدًا ليا، وزي القمر
نانسي: وعد يا حبيبتي إن يكون حالته المادية متيسرة ده جميل؛ لكن المهم في اختيار زوج ليكِ لازم تسألي نفسك شوية أسئلة؛ لكن كملي باقي المرشحين لينالوا شرف الزواج من وعد الجميلة.
قالتها بابتسامة مشرقة، وجميلة، ولطف؛ حتى تمحي التوتر من ملامح وجه صديقتها.
وعد: التاني عنده عربية وشقة، ومطلق وعايش لوحده وأهله مسافرين بره، وهو بيشتغل في شركة كبيرة، وله صديقات وأصدقاء كتير، وأردفت: والتالت عايش مع أمه، وأبوه، وأخواته، وبيشتغل أكتر من عمل عشان يجوز باقي أخواته، وعنده عربية صغيرة وبيدفع أقساط عشان شقة صغيرة المفروض هانتجوز فيها بس قريبة من بيت أهله، وكل صلاة في المسجد، وكمان عرفت إنه بيقيم الليل كل يوم، وبيفكر شهر العسل نعمل عمرة، قاطعتها نانسي: هو ده اللي لازم تكملي معاه يا وعد
وعد: بس هو شكلًا مش حلو قوي يا نانسي، وكل كلمة يقول قال الله وقال الرسول، رمقتها نانسي غاضبة وقالت وهو حاجة وحشة إنه يكون دايمًا قدامه ربنا سبحانه وتعالى في كل تصرفاته؟
وعد أوعي يكون تقييمك للشخص شكله ومظهره، ولا حالته المادية، الإنسان تقييمه بيكون أخلاقه ومبادئه ودينه، سبق وقولت لك لازم في اختيارك للزوج تسألي نفسك شوية أسئلة صح؟
هو ينفع يكون أب لأولادي؟
هيراعي ربنا في معاملته ليا؟
لما أمرض ولا أمر بحالة نفسية سيئة هايكون سند ليا؟
هيقربني من ربنا وهانكون بيت يفتخر به رسول الله صل الله عليه وسلم إذا رآه؟
هيقدر يتحمل مسؤولية بيت وإنفاق؟
وعد إنتِ مش بتعملي عرض لأزياء وبتختاري موديل، أنتِ محتاجة شريك حياة هاتستمر طول العمر، وده حد بيحب أهله وأخواته وحريص على برهم، ومساندتهم، ومعاكِ كمان هايكون كده
صلي استخارة بعد كل صلاة، وفكري كويس، قبل ما تاخدي قرار مصيري يا وعد، واتأكدي إني فعلًا بحبك، وبحب لك الخير والسعادة.
وانصرفت كل من الفتاتين إلى منزلها، وتحدثت وعد مع والدتها في كل ما تبادلت الحوار عنه مع صديقتها، وكان ردها أن الحمد لله على نعمة وجود الصحبة الصالحة، والصديقة الوفية لابنتها، وذهبت إلى غرفتها تتذكر لقاء كل شاب من المتقدمين، ثم قامت لتصلي صلاة الحاجة قبيل وقت قصير من الفجر، ثم رأت رؤية كانت ولا أروع، ثم أهداها ذلك الشاب في المنام ورقة لونها باللون الوردي كتب عليها لعل فيه الخير، وإن كان عكس ما توقعتي، ورأت أمها وأهدتها مصحف وبه ورقة وعندما فتحتها وقرأت ما فيها وجدت "لعله يأتي كما يتمناه قلبي".
بقلم: أسماء صلاح "قلب مزهر"