لم أتحرر يومًا من إحباطاتي، وانهزامي، بل كنت أراها كل يوم، وكل دقيقة، سئمت الشكوى لقلوب وآذان مستغشاة، كنت محاطًا بأسوار العزلة التي جعلت مني انطوائي، فاقدًا للشغف، فماذا لو قمتم يومًا بتحريري؟
نعم أدركت أن لم يعد هناك صحبة يكمن بها الخير، حتى القريبين، أنت في وادِ وهم في آخر، لم يعد أحدًا يكترث لمواجعك، احزن وحدك وظل قابعًا بآلامك، انكسار الروح أصبح يلازمني، أشعر أني أعيش بمفردي في عالم مكتظ بالناس، ولا أجد من يواسيني، أو يربت على كتفي، يتلقف فؤادي الذي انتهكته الأحزان، لم يشعر بالفرحة التي تسود الحياة، متبعثر، فاقدًا لنفسي، أتلهف للنجاة ولا أجد أي حبل يجعلني أصل إليه، والآن تلومونني، أنتم من صنعتم مني هذا المحبط، تتعالى الصرخات داخلي، لم أعد أستطيع أن أصدر صوتي، لم أرى بُدًا من أن أنهي حياتي بيدي، ميتًا على قيد الحياة، حتى صوت أنفاسي يتلاشى، أخذت قرارًا بأن أكن ميتًا وإلى الأبد، تناولت عقار الصداع بكميات كبيرة جدا، رأيتكم تلتفون حولي وشعرت بأنها النهاية، وقبيل أن أغرق في إغماء ابتسمت ابتسامة سخرية، فات الأوان أين كنتم؟
أتذكرتونني الآن، الآن سأغادر عن وجوهكم، ولن تروا وجهي الذي لطالما نعتوه بالكئيب، ستغرب سماء الكئيب ولن تشرق أبدًا، لقد انتهيت حينما فكرت أن أنتحر، قامت الإسعاف بإنقاذي أو بمعنى أدق بدني، أما روحي فتحولت إلى روحٍ هامدة، حتى وإن عشت فلن أعد ذلك الشاب المفعم بالحيوية والإنطلاق، شاب عمري قبل أوانه.
بقلم: أسماء صلاح "قلب مزهر"