«حتى وإن لم تعودي»
كاد عقله يجن حيث آثرت أن تبتعد عنه، معللة فقره المادي، ولم تبالي بتشبثه بها، وأتى صديقه ليجده في حالة يُرثى لها من الحزن، وكانت ملامحه عابسة.
آسر: ماذا بك يا صديقي؟
ماذا أصابك؟
أجاب ريان بكلمة واحدة، وكادت حروفه ترتعش: لاشيء.
لكن آسر اتخذ مقعدًا بجانبه، واحتضن صديقه الذي ملأت عينيه الدموع في إصرار.
آسر: حدثني عما يؤلمك، من يخفف وجع أيسرك غيري، ومن يلملم شتاتي سواك؟
ريان: أشتاق لها، عقلي يتشتت دونها، وأجهش بالبكاء، وانهمرت دموعه.
قاطعه آسر قائلًا: لقد فعلت من أجلها الكثير، كنت تعمل على إسعادها، وما كان مصيرك إلا الجحود، والنكران، وأن فضلت عليك الثرى، ولم تكترث لثراء المشاعر، لمن ظل سنوات في انتظارها؛ حتى تنهي دراستها ؟! لا يا أخي العزيز هي لا تستحق.
أردف ريان: بل تستحق، لم أعرف معنى لأمان قلبي إلا برفقتها، لم تستطع أنثى أن تدق أبوابه سواها، هي دون غيرها، قادرة على أن تلملم شعثي، تتهلل أساريري بها، تتخلل ثنايا الروح لترسم بسمتي.
قاطعه آسر: حدثني عن وفاء العهد فيما فعّلته بك؟
ريان: أرغموها على هذه الخطبة، لم تعد قادرة على اختيار شيء بإراداتها.
آسر: يا صديقي كذب وخداع، أصبحنا في القرن العشرين، بل اختارت من سيجلب لها سيارة فارهة، وسيؤمن لها حسابًا بنكيًا، وضربت بسنوات الحب والصبر عرض الحائط، وأردف: أتتذكر تلك الفتاة التي كادت تبكي من خوفها عليك عندما مرضت مرضًا شديدًا؟
ريان: لا أتذكر سوى ليلى؛ فهي حبيبتي وصديقتي، ووجهتي، وملاذي، مأمني من كل خوف، قاطعه مرة أخرى
ريان: أحدثك عن نغم تلك الفتاة الرقيقة التي كانت تتحدث وكأنها تهمس، أردف ريان: نعم نعم أتذكرها جيدًا، أكمل آسر حديثه: لقد التقيت بها عبر الإنترنت، وقابلتها، وسألتني عنك وعن ليلى، لقد تعرضت لخداع من شخص كانت تلتمس فيه الخير؛ حتى خانها، وتركته، ولكنها لم يتسنى لها أن تنساك.
ريان: ماذا تقصد؟
آسر: العوض الجميل أخي، أرسلها الله لك لتسعدك، ومن خلال ارتباطك بها تتخطى الحزن، يا صاح: أستحلفك بالله أن تنظر إلى الجانب المشرق، ترقب وانتظر غيمات من السعادة والبهجة ستهطل على حياتك عما قريب.
حتى لو خُذلنا ممن نحبهم، نلوح لهم من بعيد بابتسامة مشرقة، ونغلق تلك الصفحة، ونسترسل في التنقل بين الصفحات الأخرى، ونستدعي الأمل والتفاؤل بأن كل قادم سيجلب معه جبر الخواطر.
بالقلم:أسماء صلاح