الحياة الزوجية
-مالكِ؟-مليش.
-طب جهزي الفطار، وصحي الولاد، وديهم إنتِ الحضانة.
-نعم، أنا تعبانة، وطول اليوم محمد منيمنيش.
-بمعنى؟
-بمعنى دي مسؤوليتك أنت.
-وحضرتك أية مسؤوليتك ؟!
-مسؤوليتي ياه ضحكتني.
-طب كويس إنك ضحكتي، ردي بقى.
-وحضرتك مش واخد بالك أنا بعاني أزاي مع الولاد والبيت تحت وفوق، وكُل دا مطلوب مني، وكمان عاوز أوديهم الحضانة وأجيبهم ؟!
-إنتِ بتعملي أية غير اللي الستات بتعملة !
-طب كل واحدة وقدرتها بقى.
-أنا مش هودي حد الحضانات تاني أو النادي، إلبسي ووديهم.
-مش هنزلهم.
-بلاش عِند.
-مش عِند، بس أنا مش قادرة.
-تعالي على نفسك حبة كمان.
-لا معلش، مش هاجي.
-ليه، مش دول ولادكِ ومسؤوليتكِ، ما أنا مطحون برا البيت فالشغل.
-معلش ما أنا كمان مطحونة عيال، وبيت، وأهلك تحت، ومذاكرة، ورضاعة للصغير، دا غير غسيل، ومكواه وِ وِ وِ.
-بس بس بس.
-خير.
-لكِ أهل وأنا هكلمهم، الكلام دة ميعجبنيش.
-تمام، معنديش مشكلة.
*أحضر يزيد هاتفة بغضب وهو يردد كلمات غير مفهومة بينه وبين نفسه، يُنفس عما شعر بهِ من كلمات هايا زوجتة الغير مسؤولة من وجهة نظرة*
-ألو، أزيك يا عمو؟
-ألو، أزيك يايزيد أنتَ، وهايا عاملة ايه والولاد؟
-بخير ياعمو.
-مال صوتك.
-مخنوق ياعمو من هايا.
-ليه يابني.
-هايا بترد عليا الكلمة بكلمة، وتعباني.
-ليه كدا، حصل أية، احكيلي.
-كله عشان قولت ليها مش هودي الولاد حضانة عشان تعبان.
-آه ، وهي قالت ايه؟
-قالت مش هتودي هي كمان.
-وبعدين !
-أنا تعبت من هايا ياعمو، وجيت أشكيلك منها.
-طب هي ايه أسباب الرفض عندها ؟!
-بتقولي أنها بتتعب زيي، وهي كمان مش قادرة توديهم وتجيبهم.
-وأنتَ ايه رأيك في كلامها ؟
-ياعمو كل الستات بتودي ولادها وبتجيبهم، وكمان بتوديهم النادي وتجيبهم.
-بمعنى هي بتمثل يعني.
-لا ياعمو مقصدتش، بس تيجي على نفسها شوية كمان.
-طب وأنتَ متجيش ليه على نفسك وتوديهم أنتَ يابني.
-ياعمو ما أنا مطحون برا.
-وهي مطحونة جوا.
-بمعنى ايه؟ العيال ميتعلموش بقي!
-قول لنفسك يابني.
-والعمل دلوقتي ايه ياعمو؟!
-الحياة الزوجية يابني مشاركة على العموم، سيبني أفكر وأنا هكلملك هايا، ماشي؟
-تمام ياعمو.
-تمام يابني، ربنا يصلح الحال.
-آمين يارب.
-السلام عليكم ورحمةالله وبركاته.
-وعليكم السلام ورحمةالله وبركاته.
*مر أسبوع، ووالد هايا يفكر كيف يراضي إبنتهُ وفي نفس الوقت لا يأتي على زوجها ويحزنة، ويحملة فوق طاقتة، كيف يعلمهم أن الحياة الزوجية مشاركة، وأن أحلى شيء فيها؛ فالمشاركة بين الأب والأم، واستقر قلبه، وعقله على حل أخيرًا.*
-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا هايا.
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يابابا.
-عاملة ايه؟
-بخير يابابا، بنقاوم لنعيش.
-هههههه ضحكتيني، ليه عايشة في قطاع غزة ولا على الحدود.
-أكثر بؤسًا يا بابا واللّٰه.
-ليه كده يا حبيبتي، أحكيلي.
- يزيد متغير معايا، وبيطلب مني أوامر فوق طاقتي.
-زي اية يعني.
- عاوزني أودي الولاد الحضانة، والنادي، وأجيبهم، ده غير طلبات بيت العيلة، وشقتي، ومذاكرتي للولاد.
-وأنتِ عندك القدرة تعملي.
-لا يا بابا مش قادرة.
- مال صوتك دلوقتي؟
-مليش يا بابا.
-إنتِ بتعيطي يابنتي؟
-أنا تعبانة، وهو مش حاسس بيا.
-معلش ياحبيبتي، ربنا حاسس بيكِ، وشايفك، أتحملي.
-أتحملت عشانه كتير، بس هو فاكر أن ده فرض.
-أمال هو ايه يا هايا.
-أنا كنت بعمل كل دا حُب فيه، وكان ممكن أعمل أكتر من كدا حُب فيه برضو لو كان أقدر.
-معلش هو كمان مضغوط فالشغل، والمصاريف.
-وأنا مطحونة، أنا بنام مش حاسة بجسمي، ولا رجلي.
-طب متعيطيش طيب.
-أنا زعلانة أوي، نفسي أروح مكان لوحدي، مفهوش دوشه.
-تعالي عندنا.
-ليه خير فيكم حاجة، طمني؟
-أنا بخير ياقلبي، بس بما إنك زهقانة تعالي غيري جو.
هايا بضحك: أغير جو في نفس البلد يابابا.
-الحمدلله.
-تحمده على خير يا بابا.
-الحمدلله أنك ضحكتي.
-الحمدلله أنك بابا يا بابا.
*أغلقت هايا المكالمة، وهي تردد لماذا لم يرزقها اللّٰه بزوج حنون كأبيها !*
**وظلت هايا اليوم بأكمله تسأل نفسها مليون سؤال، لماذا الأزواج لا يكونوا في حنان الآباء ؟!*
*كُل زوج لو راضي زوجتة غدًا سيجد من يراضي إبنتهُ عندما تَكبُر، وفي وسط تفكيرها العميق، سمعت صوت إبنها.*
-ماما ماما، أنتِ فين؟
-نعم ياحبيبي.
-فينك كدة؟ سارحه في ايه؟
-معلش مخدتش بالي.
-فيه شيخ تحت كده، عاوزك أنتِ وبابا.
هايا بستعجاب: شيخ! شيخ مين؟
-بيقول الشيخ حسان.
-شيخ حسان! بجد ده رفيق درب بابا.
-طيب أقوله أية؟
-دخله الرسيبشن، وقوله أننا نازلين دلوقتي.
*هايا استعدت، ونادت على يزيد، واستعد، ونزلوا سويًا للشيخ حسان، وهما في غاية الدهشة، والفرحة في آنًا واحد؛ فالشيخ حسان رجل صالح، حافظ كتاب اللّٰه، وخلوق حد النخاع، ويعتبر أبيها الثاني.*
-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ياشيخي.
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أحبابي، وأولادي.
-أقعد ياشيخي.
-تسلم يا حبيبي.
-طمنوني عنكم؟
-بخير الحمدلله ياشيخي.
-يدوم حمدك يا يايزيد يابني، ها مالك يا هايا، ساكتة ليه كدة؟
- مرهقة ياشيخي.
-خير يابنتي.
*وهُنا كان الفضول هيموت يزيد للسبب الزيارة؛ فسأل الشيخ حسان.*
بعتذر على المقاطعة ياشيخنا، بس فالعادة مش بتزونا كدة أحنا اللي بنيجي عندك، سؤال وأتمنى متزعلش مني.
-ابو هايا رفيق العمر كلمني، وقالي هايا مخنوقة، وزعلانة، وأنتَ شكيت أنك مش مرتاح، وطلب مني أتدخل؛ عشان هو موقف حساس.
-اه بابا، حبيبي يابابا.
-فعلًا أنا كلمت عمو، وقالي أنه هيحل المشكلة.
*الشيخ حسان قال لهم أنهُ يعلم هما بيمروا بكَم من المشاكل، وأن كُل طرف منهم يُتعب الطرف التاني، ومحملهُ فوق طاقتهُ، وهذا يجعلهم غير صافيين لبعضهم البعض.
فقال لهم أنهُ سيتكلم عن موضوعهم من خلال نظرة الدين، وتعاليمه للموضوع.
-أنا بعتب عليك يا يزيد.
-ليه ياشيخي؟
-مِشَيل زوجتك فوق طاقتها.
-أزاي يا شيخي.
-وأنتَ بتتكلم معاها بتؤمرها، وبتتعصب عليها، وناسي إن الأنثى هي وصية رسول اللّٰه صلِّ اللّٰه عليه وسلم "استوصوا بالنساء خيرًا" الأنثى هي الأم، هي الزوجة، هي الأخت، هي الأبنة، هي الحياة، الأنثى هي أمان، واستقرار، الأنثى تَحمل قلب طفلة، تحتاج الحُب، والأهتمام، والتقدير، والاحترام، والاهمال يقتُل كُل شيء جميل، والاهتمام يُولد الحُب، الأنثى هي وردة جميلة تحتاج أن نرويها بالحُب، والأهتمام؛ حتى تزهر، وتنضج، وتكون دائمًا جميلة، الأنثى لها قيمة عظيمة.
صمت يزيد قليلًا، ثم قال: صدقت يا شيخي.
-يابُني اللّٰه من فوق سبع سموات لم يرضى الحزن للنساء؛ فكيف تنام وزوجتك حزينة، تبكي قهرتها منك، ليه تزعلها؟!
- أنا مزعلتهاش يا شيخي أنا بقول لها إني تعبان مش قادر.
-الحياة يابُني مشاركة، الحياة كفاح، الحياة تفاهم، وحُب، واحترام بين الزوجين.
*وهُنا تتعالى ابتسامة هايا، وترسم على ثغرها "الجميل، وهي تقول "قوله ياشيخي.*
_ضحك الشيخ وقال لها دورك جاي_
_عامل زوجتك برفق، واطلب منها بحنان، لاتكون قاسي الحديث؛ فالرسول وصانا وقال في حديثة الشريف "رفقًا بالقوارير"
وأعظم الظلم ظلم الزوج لزوجتة؛ فالنبي قال في حديثة الشريف "خيركم خيركم لأهله"
والنبي إذا سُئل من أحب الناس لكَ، قال: عائشة.
والمشاوير مرة عليك، ومرة عليها، بلاش الجوال على بعض.
*ونظر الشيخ لـهايا التي مازالت تبتسم؛ فالكلام يثلج صدرها المكلوم ألمًا.*
فقال لها: أوصيكي يابنتي بزوجك خيرًا.
_ والله ياشيخي باجي على نفسي عشانه، بس مش بيقدر.
_خلاص يا هايا يابنتي مش هنعيده، اللي حصل حصل.
-تمام يا شيخي.
_بارك الله فيكي يا بُنيتي، وجُزيتي الجنة، بطاعتك لزوجك، أنا بطلب منك تاجي على نفسك كمان مرضاتًا لي، واحتساب الأجر والثواب من اللّٰه، وفي الآخر دول ولادك كمان صح.
_صح ياشيخي، ربنا يقدرنا.
_هيقدرك طالما أنتِ بتعملي على قد مجهودك وطاقتك.
_بعمل والله ياشيخي.
_خلاص يابنتي، لايكلف اللّٰه نفس إلا وسعها.
_ونعم بالله ياشيخي.
_الزوجة الصالحة البارة بزوجها، وأولادها، لها باب بتدخل الجنة منه يابنتي.
_ربنا يجعل تعبي في ميزان حسناتي.
_آمين.
_آمين.
_الزوجة والأم يابنتي هي مفتاح السعادة، والراحة فالبيت.
_فهمت قصدك ياشيخي.
-أنا دلوقتي أقدر أمشي وأنا مطمن أنكم استوعبتوا كلامي، أنتو ناس كبار؛ فخافوا على بعض، وأهتموا ببعض، بلاش تهينوا بعض وصوتكم يعلى؛ وأولادكم يورثوا منكم الطبع ده، ونبقى عايشين في مجتمع متخلف، لابيسمع ولا بيناقش، والإبيحاور كُل اللي عارفه أصوات عالية؛ كأصوات الحمير.
-حاضر ياشيخي.
_حاضر ياشيخي.
*وقبل الخروج طلب الشيخ أن يقوم يزيد بتقبيل يد ورأس زوجته، وكذالك هايا تقوم بمراضاة زوجها، وتقبيل يده، وهُنا غادر الشيخ مطمئن مرتاح البال.
#بالقلم:سماءإبراهيم