كنت على وشك الجنون، لم أعد أدرك معنى للراحة، روحي وعقلي في تشويش مستمر، واستدرت جالسًا على حافة السرير مخبئًا عيناي بيدي، أشعر بدوار، وكنت أستمع دوي لأصوات داخلي تتحدث.
عقلي الباطن:
استسلم؛ فلم يعد بدًا من العراك في هذه الحياة.
عقلي الواعي:
لا تستسلم؛ فلا شيء يدوم، لا تطاوع شيطانك.
عقلي الباطن:
عانيت كثيرًا منذ سنوات كفى.
عقلي الواعي:
أفعل شيئًا يسعدك، قم بتحفيز نفسك.
عقلي الباطن:
الحزن هو مصيرك، وموتك أصبح محتم.
عقلي الواعي:
تيقن أنك تجذب أي طاقة؛ فسارع بجذب طاقة إيجابية تنتشلك مما أنت فيه.
عقلي الباطن:
مرضت مرضًا شديدًا، خارت قواك.
عقلي الواعي:
الشفاء بيد الله، لا تسمع صوت اليأس بداخلك.
عقلي الباطن:
أنظر إلى وجهك الشاحب؛ إنه شحوب الموت المرتقب.
عقلي الواعي:
سيأتي الله لك بمخرج مما أنت فيه، عليك فقط أن تحسن الظن بخالقك.
عقلي الباطن:
وشعرك الذي تجده كل يوم بأعلى وسادتك؛ لقد انتهيت.
عقلي الواعي:
كيف لشاب مثلك كان مفعم بالحيوية أن يرى الدنيا بتلك العتمة !
عقلي الباطن:
عليك أن تدرك أنك ستظل بعتمة؛ حتى تلفظ أنفاسك الأخيرة.
عقلي الواعي:
التقط أنفاسك أنت في عناية الله، لطفه بك يجري وأنت غير مدرك، هناك حالات أكثر منك تعقيدًا لكنها شفيت بفضل الله ورحمته.
عقلي الباطن:
تداعيات الجلسات بالكيماوي غير محتملة، لن تستطيع أن تتحمل.
عقلي الواعي:
بلى أنت شاب في مقتبل العمر؛ ستتحمل لأنك قوي؛ ستدرك أنك كنت مخطىء حينما انزويت بعد علمك بمرضك، لم يمر الوقت بعد، الطب في تقدم وتطور مستمر، قد تحدث لك معجزة من السماء.
صرخت وصرخاتي كانت مدوية في أرجاء البيت آاااااااااااااه، كففففففففى
اكتفيت، لا أريد الإنصات لأية أصوات، سئمت منكما، رأسي يؤلمني من كل هذا الضجيج، أصبحت مشوش، أشعر أن الكلام يفر مني، لم أعد قادرًا على اتخاذ القرار الصائب، وساد صمت رهيب، وانهالت عيناي في البكاء، لكني سمعت صوتًا جعلني أهتز، شعرت بأن السماء وكأنها ستنشق، هذا صوت رحمة الله، وكأن السماء كلها تواسيني وتشاركني بكائي، وأحسست للحظة بأنه الفرج.
أسماء صلاح"قلب مزهر"