"التوبة"
ريم: صبا، رشحيلي رواية أقرئها.
"قلت كده لصديقة طفولتي؛ لأني بحب الروايات جدًا، ومقرأتش من فترة طويلة"
صبا: الطريق الملعون، لست وحدك، أرض زيكولا، كل روايات د/أحمد خالد توفيق، ود/عمرو عبد الحميد، جميلة بجد.
منار صديقتهم: ايه الروايات دي، الروايات دي مملة، وبتاخد وقت طويل، هبعتلك أنا روايات النهاردة هتحبيها.
صبا باستغراب: روايات ايه دي؟
منار بضحك: لا ده هيبقى سر بيني أنا وريم، أشوفكم بكره في السنتر، باي.
صبا بهدوء: اسمها في رعاية الله يا غاليتي مش باي.
زفرت منار بضيق: هنبدأ محاضرات بقا، سلام.
وذهبت إلى منزلها.
صبا نظرت إلى ريم بتحذير: الروايات اللي هتبعتهالك تبعتيهالي الأول.
ريم باستغراب: ليه؟
صبا: لأن منار ليها فترة طويلة متغيرة، ومعظم وقتها على التليفون بتقرأ روايات، وبتقول كلام غريب، وبحاول أنصحها وهي مبتسمعنيش، أي رواية تبعتهالك ابعتيلي اسمها الأول.
ريم: ماشي يا روحي، يلا في رعاية الله.
وعادت ريم إلى منزلها، واتجهت إلى غرفة والدتها، وطرقت الباب، سمحت لها والدتها بالدخول، وكانت والدتها تقرأ القرآن، فاقتربت منها وجلست بجانبها، وقبلت رأسها.
ريم بابتسامة: عاملة ايه يا ماما، خدتي علاجك ولالا ؟
أردفت والدتها بابتسامة: اه يا روحي، صلي أنتِ، وأنا هجهز الأكل.
ريم: ماشي يا حبيبتي.
ريم دلفت إلى غرفتها، وبدلت ملابسها، وتوضأت وصلت؛ ثم أمسكت بهاتفها، وكانت منار أرسلت لها الروايات.
ريم: ايه الروايات دي، شكلها غريب أوي.
منار: أقرأيها وهتحبيها جدًا بس متبعتهاش لصبا.
ريم باستغراب: ليه؟
منار: صبا مش بتحب الروايات دي، وهتقول لوالدتك، وممكن والدتك تزعقلك.
ريم: مش هقرأ الروايات دي.
منار: أقرئي رواية واحدة، ولو محبتهاش متكمليش بس أنا متاكدة إنك هتدمنيها.
ريم: ماشي هقرأها.
بدأت أقرئهم، الرواية كانت غريبة، وفيها كلام أول مرة اسمعه؛ فبحثت عنهم وعرفت أن كلهم +18، والبطل خطف البطلة وبيعذبها، والبطل سا"دي، وكمان روايات محرمة، كنت وقتها حاسة بشعور غريب، وكانت فيه حاجة بتشدني إني أقرأ الروايات دي أكتر؛ فمسكت تليفوني، وقلت هكمل الرواية دي، وبدأت أقرئها، وحبيت الرواية جدًا بس فيه صوت في عقلي بيقولي أن اللي بعمله ده حرام، بس اتجاهلت ده، وبدأت أقرأ روايات أكتر من النوع ده، ومعظمهم كان للكبار فقط و+22 مش +18بس، وسهرت اليوم ده لبعد الفجر وأنا بقرأ الروايات دي، وفيه صور شدتني جدًا؛ فبدأت أبحث عن صور أكتر، وفيديوهات غير لا"ئقة، واليوم ده غيرلي كل حياتي، الروايات دي بقت عندي إدمان مقدرش مقرئهاش، وكذبت على صبا، وقلتلها أنها روايات دينية، وبدأت أبعد عن أهلي، وانعزلت في غرفتي، وبطلت أصلي، وكنت كل مرة أحاول أوقف الروايات دي كنت بعد فترة قصيرة أرجعلهم تاني، وعدى أكتر من شهر، وأنا بقرأ الروايات دي، صبا كلمتني علشان نخرج؛ لأنها مشفتنيش من فترة؛ فلبست ونزلت.
صبا بغضب: تليفونك.
ريم باستغراب، وخوف: نعم!
صبا بغضب: بقولك هاتي تليفونك.
"وشدت التليفون، وحاولت تفتحه بس معرفتش".
صبا: الباسورد ايه؟
ريم بغضب: عاوزاه لي، وبعدين إزاي تعملي كده؟!
صبا: أفتحي تليفونك علشان معرفش والدتك وهتفتحه هي.
ريم أخذت منها التليفون بخوف، وفتحته، صبا شدته منها، وانصدمت من الروايات اللي بتقرأها على الواتباد.
صبا بصدمة: ايه الروايات دي ؟ ردي ايييه ده؟ منار قالتلي ومصدقتهاش؛ لأني واثقة فيكِ، ايه القرف اللي بتشوفيه، وتقرأيه دي؟
"وأخذت تستغفر ربها".
ريم: عادي لو قرأتها.
صبا بصوت عالي: بتقرأي اييييه، روايااات محرمة؟ أنا هقولك أنتِ عملتي ايه، الروايات العاطفية اللي بتقرأيها دي عارفه ايه أضرارها؟ إفساح المجال للخيالات، والأفكار الرديئة، وتعلق القلب ببطل القصة أو بطلتها، وشغل الوقت بما لا ينفع في دين ولا دنيا؛ بل بما يضر غالبًا، وديننا أمرنا بغض البصر يا ريم.
ومشاهدة الأفلام الرومانسية؛ أسوء من قراءة الروايات العاطفية، لِما تشتمل عليه من تجسيد المعاني في صور، وحركات ومواقف، ولِما فيها من رؤية العورات، ده ديننا منعه يا روحي، وأنه باب من أبواب الحرام، والإثم.
ريم ببكاء: مكنتش عارفه كل ده والله، بحاول أبعد بس مش عارفه، أنا والله بحاول.
صبا: بصي يا ريم، قال اللهُ عز وجل في أكثر مِن موضعٍ في القرآن الكريم ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴾ فالشيطانُ لا يُوسوس للإنسانِ بمعصيةٍ كبيرةٍ ابتداءً؛ لكنه يَأتيه بالمعصيةِ الصغيرةِ؛ حتى يَألفَها ويَعتادَها؛ ثم يَنتقل إلى معصيةٍ أكبر؛ حتى يقعَ في كبائر الذنوب؛ ثم يتخلَّى عنه كما قال الله تعالى: ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾
انتِ عرفتي أنه حرام لازم تتوبي لربنا يا روحي.
ريم وهي تمسح دموعها: حاضر، شكرًا يا صبا
وعادت إلى منزلها، ودلفت إلى غرفة والدتها، واحتضنتها وهي تبكي: أنا غلطت أوي يا ماما، أنا أسفة.
الأم بقلق: في ايه يا ريم.
ريم: أسفه ياماما علشان الوقت اللي ضيعته، أسفه علشان مهتمتش بيكِ الشهر ده، أسفه.
الأم بحنان: قومي صلي يا حبيبتي، وأنا هعملك حاجة تاكليها.
أول لما ماما خرجت اتجهت لغرفتي، وقررت إني لازم أتوب، وأرجع أصلي بانتظام، وأخلي ربنا يسامحني قبل فوات الأوان، لازم يبقى عندي إيمان في ربنا، وعزيمة، لازم أرجع تاني.
بدأت أصلي، وكنت بصلي بخشوع، وببكي في الصلاة؛ لاني مصلتش من فترة طويلة، وكنت بدعي ربنا يغفرلي، أنا ومنار، ومنار التزمت في صلاتها، ورجعنا لربنا تاني، والحمد لله عدى شهور كتيرة واحنا التزمنا في صلاتنا، وبعدنا عن الروايات دي.
الكاتبة: هبه الله