اسكريبت بعنوان: «مازال يدغدغ دواخلنا»


عند طبيب الأورام جلست ريم في ترقب وانتظار إطلاع طبيبها على فحوصاتها الشهرية، التي تقوم بها دون أن تنطق بكلمة واحدة....



ريم: دكتور حضرتك طولت فحص الأوراق الخاصة بالتحاليل والأشعة، ونظراتك كلها اندهاش!

ممكن تفهمني وتصارحني المرة دي في إيه؟

الطبيب: ممكن تصبري شوية، وتدعي ربنا يا ست البنات.

ريم بحزن: كلامك ما يطمنش، ونكست رأسها.

الطبيب: ممكن تعيدي التحاليل والأشعة تاني في مركز أفضل من اللي عملتي فيه.

ريم وقد ترقرقت عينيها بالدموع: آه سلمت ليك أمري يارب أنا عارفة إن ده الآخر خلاص، هامووت يا دكتور؟

فاضل ليا قد إيه في الدنيا وأسيبها؟

تلك الكلمات قالتها وقد استغرقت في نوبة من البكاء الشديدة.

جلس الطبيب بجانبها مربتًا على كتفيها، وأردف: عارفة إيه أحلى حاجة قولتيها أول جملة، ليه اليأس ده؟ مش قولنا نتفائل بعطاء الله وعوضه اللي ممكن يحصل، وهو حصل.

استرجعت ريم كلماته، وأردفت: تقصد إيه؟

الطبيب وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة ولا أروع: يعني تحاليلك وأشعاتك هايلة ما فيش أي وجود لأورام فيها ولا نسبة ضئيلة حتى، وعشان كده عايزك تكرري الفحوصات الطبية تاني عشان أتأكد.

ريم بفرحة عارمة وكأنها ولدت من جديد: يعني خلاص ما فيش كيمي تاني؟

يا دكتور انت بتتكلم بجد؟

الطبيب: بس يلا بسرعة زي ما طلبت منك يا جميلة.

ريم وقد ركضت مسرعة نحو أفضل مركز للتحاليل والأشعة الخاصة بالأورام وقد أشرقت كأشعة الشمس الذهبية.

وقامت بما طلبه منها طبيبها.

وحصلت على النتيجة دون أن تستفسر من أي أخصائي أشعة عن التقرير، وذهبت إلى طبيبها.

الطبيب بعد أن رأى الأوراق الخاصة بالفحص الطبي بكى من فرحته بصمود مريضته التي عانت سنوات مع الخبيث محتسبة الأجر، ولكنها مع المعالجة بالكيماوي ظلت في خسارة لوزنها وشعرها، وصحتها شيئًا فشيء، وأردف: 

مبروك يا ريم مع النظام الغذائي ومثابرتك وصبرك ربنا رزقك بأجمل هدية وهي شفائك من المرض.

لمعت عينيها فرحًا وأخذت تقفز كطفلة جلب لها والدها الحلوى التي تحبها.

ريم: الحمد لله الحمد لله الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاني، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأردفت: شكراً ليك على تعبك معايا يا دكتور، وتحملك لكل عصبيتي في الفترات اللي فاتت.

أطال الطبيب النظر إليها في إعجاب شديد مردفًا: ربنا سبحانه وتعالى بعتك ليا تعلميني إزاي أكون صبور ومتفائل، حالتك كانت صعبة، بس انت كنت عنيدة، وقولت من الأول إنك هاتهزميه وتنتصري عليه، وأنا فخور بيك، وأمسك كتفيها برقة وكنت شايفك طول الوقت الإنسانة اللي كنت بحلم بيها ونفسي تكون جنبي، أشاحت وجهها عنه بخجل، وقد توردت وجنتيها، وهي تفكر هل يعقل أن أهدى بهديتين أجمل وأروع من كليهما؟

هل كانت أبواب السماء فاتحة على مصرعيها ليتقبل الله ابتهالاتي وتضرعي؟

لم يكن طبيب ريم وسيمًا بالحد الذي يجعل الفتيات تلقى بنفسها تحت قدميه، لكنه كان رجلًا بمعنى الكلمة، وكان حنونًا رقيقًا، مترفق بمن حوله، لكنه كان تعيس الحظ في الزواج والخطبة، ونظر مرة أخرى لريم، وداعبها متحدثًا: اعتبر إن طلبي مرفوض؟ أنا عارف إني باطلب إيد فاتنة في الجمال والرقة والأخلاق، وإني شاب مش جميل، بس والله باحبك قالها وقد تعرق، وقاطعته في فرحة: أنا بس مش مصدقة، ومستغربة، أصلي مش غنية ولا عندي عيلة كبيرة تحط إيدك في إيدها، قاطعها بحب: إنت كفاية عليا.

صمتت وقد لمعت عينيها فرحًا.

وعلمت أنها عندما رضيت بقضاء الله بشرها الله بجميل قدره.

بقلم/أسماء صلاح"قلب مزهر"

إسلام إيهاب

أكتُب ما لا أبوح بِه؛ لطالما كان قَلمي خير جَليس. _ إسلام إيهاب

إرسال تعليق

أحدث أقدم