خاطرة بعنوان: زهرة البستان

 كزهرةٍ حمراء وسط أزهار الفل كانت هي، كانت كبدر يُضيء عتمة الليل، كضوءٍ في آخر النفق، عشقتك يا زهرةَ بستاني كما لم يعشق أحدٌ من قبل؛ بل تعلمت معاني العشق كاملةً على يديك الناعمتين الصغيرتين اللتي تشبه أيدي الأطفال، تعلمتُ العشق بكل معانيه؛ الحب، والإخلاص، المودة، والرحمة، والشوق وال...، وال...،والفراق.

خاطرة بعنوان: زهرة البستان 

لماذا كان عليّ فراقك؟ لماذا أخفيتي عنِّي كل تلك الحقائق، لو كنتي أخبرتني لكنتُ أنقذتُكِ من ذاك المصير، أو على الأقل كنتُ مهدت لنفسي ما يحدُثُ الآن. ها قد سلبَكي القدرُ منّي، وذبُل ذلك البُستان منذُ زمن مُعلنًا حداده على فراق أميرته،أميرتِه اللتي توجتُها أنا على رأسه بذاك الرباط المقدس الّذي شرعه الله لنا ،كم كُنتِي نعم الزوجة،ونعم الحبيبة،ونعم الأُخت والصديقة،كنتي كما لم تكُن أُنثى لرجل من قبل، لطالما كُنتي أنتي البلسم الوحيد الّذي يُعالج جرُوحي النازفة،وكنتي المنبع الوحيد للحنان بين طرُقاتِي ودُرُوبي،أين أنتي الآن؟ 

أين رقتُكِ، وحنانُك؟ هل طاوعكِ قلبُكِ الطيب على جعلي بهذة الحالة؟ ولكن من الصعبِ نِسيانُ ما كان سببًا في ما أنا فيه الآن؛ من بعد تستُّرُكِ عليه بالطّبع،إنه ذلك المرضُ اللعين الّذي لا يرحمُ أحدًا أيًّا كان، طفلًا أو شابًّا، شيخًا أو عجوزًا، رجلًا أو امرأةً، فقط يحصُد الأرواح بريئةً كانت، أو مُذنبة،وللأسف وضعه القدر في طريقك أنتي من بين كل هؤلاء البشر،لقد انتقى أجمل، وأرق ما في الكون،وأقرب شيء على قلبي ليكويني بنارِ فراقه.


ها أنا الآن جالسٌ بين طيات الزمن،داخل غرفة مُظلمة،داخل بيت حزين كأيب غادرته الابتسامة حينما غادرتي أنتي، صِرتُ وحيدًا بعد رحيلك،والآن أعِدُّ الثواني واللحظات لهفةً للقائك. مر على رحيلك الكثير من السنوات،لا أذكُر فأنا الآن شيخٌ في السبعين من عمره وأرجو الأ يزيد أكثر من ذلك،فقد هَرِمتُ،وتملّك مني المرض، وأخيرًا قالها الأطباء "لا أمل في شفائه" ولكن ثقي؛ بأنه رُغم طولِ البُعد، والأمد،وكثرة العلل؛ لم أنساكي أبدًا، وها أنا الآن أُلوّح مودعًا لتلك الحياة الخالية منك، بيد مسن سأم منها، ومن كل ما بها من أشياء لا تتعلق بك، أو تُذكِّرُني بفراقك،وأخيرًا وبعد طول انتظار سينتهي الفراق وسيحين اللقاء.

وداعًا، وداعًا  أيُها العالمُ الكبير،وأهلًا ومرحبًا بكِ أنتي فقط يا أميرة البستان.


بقلم: جهاد هاني

إرسال تعليق

أحدث أقدم