نعم أدركتُ أنَّه كان عليَّ أن أقتدي بها فيما كانتْ متعلَّقةً به، وكانتْ تحرص عليه، عاشتْ بيننا ملاكًا يطوف حولنا، كانتْ تملك من دمْثِ الخُلقِ ونُبلها ما لا نجدهُ في الكثيرين، وعلى الرَّغم من أنَّ مدَّة صداقتي بها لم تطل كثيرًا، إلَّا أنَّني كلَّما تذكَّرتها أشعر بالقُوَّة،
كانتْ متشبِّثةً بي كأُمِّها الَّتي تخطَّفها الثَّكل، عانت من الفقد لأمِّها ثُمَّ أبيها ثُمَّ زوجها، تزوَّجت صديقتي في سنٍّ صغيرةٍ جدًّا، وأصبحت ثيِّبًا في نفس السَّنة، كلُّ ذلك، ولم تُقلع عن عاداتها ألا وهي: أن تأوى إلى فراشها باكرًا؛ لتستيقظ قبل صلاة الفجر بساعتين، وكانت تقوم اللَّيل بالصَّلاة والدُّعاء، والذِّكر، والاستغفار إلى الفجر، وتُصلِّي الفجر، وتنام قليلًا ثم تصحو؛ لتقوم بأعمال البيت، كانت فيَّاضة المشاعر، وكلُّ يومٍ تحكي لي عن مدى حبِّها لي، ومن صدمتها وقتَ وفاة زوجها فقدت النُطق، حتَّى تُوِفِّيتْ في حادثٍ أليم، وانتهت رسالتها في الحياة في صمتٍ موجعٍ، وتركت لي أوجاعًا مازلتُ أحيا بها، لكنها لم تتوانَ أن تحثَّني على وقت كل صلاةٍ، رحمك اللَّه يا قطعةً من فؤادي.
أسماء_صلاح" قلب مزهر"