«جاري بالجنب»
بكل قسوة احتضنه الثرى، وغدوت أنا وحيدة، ليس لي من يساندني، وأوشكت أن أضع مولودي، فقد اختطف الثكل أمي وأبي، وزوجي حبيبي الذي لطالما انتظرته لسنوات مضت، ها أنا مقبلة على أيام عصيبة، حينما أدركت ذلك تساقطت العبرات على وجنتيي، ولوهلة قلت لنفسي: الله معي سبحانه هو ملاذي ومأمني، كانت لي جارة ورفيقة تتودد إليّ، وتطرق باب بيتي كل يوم؛ لتساعدني، وكانت تذهب معي لطبيبي للإطمئنان على جنيني، وقد أتتها فترة مرض والدتها فاعتذرت مني أنّها مضطرة للسفر لرعايتها، أما جيراني الباقون فكانوا يطرقون علي بابي وحينما أصبح حملي وبيلًا كانوا يهاتفوني فقط، افتقدت جارتي ورفيقتي، وفجأة! سمعت من يدق بابي وهممت لأفتحه لأجد ابنة خالتي، وقد أتت لما علمت بمعاناتي، تَسامرنا سويًا وأضفت روحًا مبهجة، وذهبنا لمعرفة جنس المولود والإتيان بما يلزمه، وقد كنت حصلت على مستحقاتي بعد وفاة زوجي، وكان فضل الله عليّ عظيمًا فقد رُزقت بمولود ذكر يعوضني عن أهلي وزوجي الذي فقدته شابًا، ومر حملي على خير، ووضعت طفلي الجميل كان يشبه أبيه كثيرًا، وغادرتني لتعود إلى حياتها بعد فترة من ولادة ابني، وكان لابد أن أذهب لشراء بعض احتياجاتي من السوق، وتذكرت أني نسيت أن أغلق الغاز حينما كنت أقوم بتحضير اللبن والبيض المسلوق لي ولولدي، وفجأة كنت أثب مسرعةَ وتَعالى صراخي، لكن ألطاف الله أحاطت بنا، كان لي جار شاب صنديد يسكن من جديد، ووثب مسرعًا ليحطم الباب وفي يديه بطانية عتيقة ليقوم بإخماد النيران، ويذهب إلى غرفة نوم طفلي ويحمله، وقد هاتف جيراني الإسعاف والمطافي؛ لأصل فأجد طفلي وقد أسعفوه؛ ولأجد خسائر طفيفة في البيت، وما كان لي إلا أن أمتن له ولهم على إنقاذي أنا وطفلي من الموت.
بقلم/أسماء صلاح"قلب مزهر"