ملك عامر
أمةٌ أُنزل إليها قبل ألف وخمسمئة عام كلمة اقرأ، لكن الآن لا وجود للكثير ممن يقرأ، تمزقت الكُتب واهترئت، بل صار منها الداء والدواء، كنا قديمًا نقرأ الكتاب لأنه كتاب، الآن يجب الاحتراس من أفكاره، وتحليلها جيدًا قبل أن تنفذ لعقولنا، نحنُ أمةٌ أعزَّها اللهُ بالإسلام ومن ثم العروبة، لكن قد تجردنا من ردائنا، ومحونا هويتنا بأيدينا، بعد أن كُنا أعظم كيانٍ على وجهِ الأرض، بعد أن كُنا مصدر رهبة وعظمة في صدور من يعادنا، صرنا أمة ضحكت من جهلها الأُمم، أصبحنا مُذلُّون مُهانون، نلهثُ خلف السخافات، قيدتنا العادات والتقاليد التي هي بالأصل وباءٌ أخذناهُ من أمم جاهلة، لكن الآن أي أمةٍ جاهلة غيرنا؟ لقد رفعنا الله وعززنا بالإسلام وبلسانٍ عربي مُبين، ماذا فعلنا ونحن نرىٰ المجتمعات الأخرىٰ تفتخر بلغتها في حين أننا نسخرُ ممن يعتزون بعربيتهم، ولا نكادُ ننطقُ جملةً إلا وألصقنا بها كلمة أعجمية؟ ماذا نعمل وقد رأينا الأمم الأخرىٰ تُطور علومها، تبني مستقبلها، لا تعير اهتمامًا لحثالة الأمور في حين أننا قتلنا العالِم واحتقرناه، أهنَّا صاحب العلم ومحيناه، قدَّسنا أصحاب التوافه ورفعناهم؟ لا أقول أن هذا يحدث مئة بالمئة عندهم لكن بالمقارنة بما تراهُ أبصارنا، ويحدث أمام أعيننا، بتنا نبكي حسرةً على حالنا، عن سوء معيشتنا، وضياع ثقافتنا، عن احتلال الملوثات بيوتنا، وتغذية عقولنا بها، نحنُ العرب أمةٌ حاربت بالسيف كل من تجرأ على الاعتداء بما حرمته الشريعة، صرنا الآن نتوارىٰ خلف مقولة هذا أضعف الإيمان، ما هو أضعف الإيمان؟ وهل كان عندنا إيمان قوي بالأصل؟ أيُّ إيمان قوي هذا وقد شجعنا الراقصات والمُغنون، وقد ساهمنا في نشر العهر والمجون، وقد انتهكنا حرمات الله، وقد جاع المسلمون في بلادنا! لا تضرب الكف على الكف لتحدثني قائلًا وماذا علي أن أفعل؟ ما الواجب علي؟ بالطبع أنت حتى لا تُدرك واجبك، حالك كحال من سبقك ومن قد يكونوا أسفل الثرىٰ الآن، تسألني ماذا تفعل؟ ولمَ لا تحدد أنت ماذا تفعل؟ سُبل الإصلاح كثيرة، لكنها لا تحتاج لمن يتوارىٰ خلف هذا أضعف الإيمان، حارب نفسك أولًا، أصلحها، هذبها ولقنها أصول الأدب، ابدأ بالبحث عن أصلنا، واعرف تاريخ العرب الحق، تغذىٰ على علوم لغتنا، وادرس أساس هويتنا بِجدٍ، اسلك دروب العلم كافة، لكن راعي أولًا تناسبها مع كل علم تدرسه، لا تتشت حتى لا تصاب بالتناقض، كُن مصلحًا في مُحيطك، وابدأ بإحياء أمة العرب من جديد، أنت، وأنت والمئات غيري وغيرك، يجب أن نُحيي عقول المغيبين من العرب؛ لنعود أقوى أمة مجددًا، ولنرأس العالم كما كنا سابقًا.