ملك عامر
أتىٰ طُوفانُ الأقصى، يرفقهُ سيلٌ من الدماء والجروح وصراخ اليتامىٰ والثكالىٰ، أتىٰ ليحرر شعبًا طغىٰ الألم على قلبهِ وكيانه، جاء ليُدمر ويكشف مدىٰ خبث وحقارة المؤسسات المُسالمة، والجمعيات والنشاطات الجميلة، والرقيقة، والتي من فُرط لُطفها تكادُ تبصقُ مرارًا وتكرارًا على مُحيطك الذي تعيشُ فيه، أين الإنسانية مما نراهُ الآن؟ أكانت هناك إنسانيةٌ حقًا؟ أم كانت مُجرد شعاراتٍ ننسجها في دواوين لا تتعدىٰ رفوف المكتبة؟ الآن لا تستطيع القلوب أن تهدأ وتطمئن، لا تزالُ الجروح تئن، والنفوس مُتشردة ووحيدة، يرتعدُ الأطفال خوفًا، يبكون ويحمدون الله على مصابهم في آنٍ واحد، أين الإنسانية؟ وجراحُ إخوتنا لم تُشفىٰ ولن تُشفى! أين ما تزعمون وهُم ينامون في العراء، لا يأملون أن يطلع عليهم غد؟ أين ما هُم فيه يتغنُّون ومُصاب أحبائنا لا يعترفون بهِ بالأصل؟ الليلُ طويلٌ جدًا، ومُخيفٌ وباردٌ كثيرًا، الشوارعُ مليئةٌ بالدماء، الطعامُ فاسدٌ بل لا يُوجد طعامٌ أصلًا، المياهُ مخلوطةُ بالدماء، والعالمٌ كله مغيبٌ، منومٌ، يغشاهم الادعاءُ الكاذب، أين الإنسانية؟! وعلى ماذا نتحدثُ؟ ولمن نحاور؟ عقولًا تنعمُ في رغدٍ مُقرف؟ إلى من نشتكي؟ ونُعيد وضع تعريف الإنسانية؟! ليس لنا إلا الله.