ملك عامر
ذهب وتخلىٰ، أدار الظهر ثم تولَّى، لم يحسب حسابًا لفؤادي الذي انفطر، أو حتى الماضي الذي كان يجمعنا، هان عليه الوفاء، كان صعبٌ عليه البقاء، فضَّل الخُذلان وإطاحة الروحِ في نافذة الجنان، غدر ونقض الميثاق، ألزمني جراحًا عدة، أورثني آلامًا صعبة، كنتُ أعيشُ في وصبي وفي كمدي، عليلةٌ روحي بعقلٍ مُدنفٍ وصبابةٍ مقيتة، أتسترُ عند زوايا الجُدران، داخل سجنٍ كللتُ به مشاعري، ووضعتُ داخل قطبانهِ نقاء قلبي، غيثٌ ينهمرُ من عيني، كما تبكي المُرضعةُ على فقيدها، ليلٌ أحلَّ باكرًا، وشيبًا أتىٰ قبل ميعاده، وافتني منيةُ الروح، ورغم هذا لا يزالُ الجسدُ حيًّا بإرادةٍ مُندثرة، حزنًا لا يُطاق حتى إذا قلتُ تخطيت وإنني بأفضل حال، في الواقع لم أتخطَّ وكيف أتخطىٰ؟ وأيُّ شيءٍ تحديدًا يجب أن أتخطاه؟ أسيرٌ أنا لكل شيء وُجد بيننا، تلك الذكريات الحُلوة، والحديث ذو الرونق الجميل، مشاعرنا الدافئة والوعود التي قطعناها معًا،
الوعود التي ما زلتُ عليها قائم، ما أشغلك أنت عنها؟ لمَ لم تحفظ الميثاق الذي قطعتهُ أواصرنا؟ كيف خنت العهود التي بيننا؟ وأدرت ظهرك لي وأنا منهارٌ أترجاك؟ كيف هانت الروح عليك؟ كيف نسيت ما تولىٰ؟
ذهبتَ بعيدًا جدًّا، وكنت أُسلي نفسي بانتظارك، أتوهمُ مجيئك أحيانًا، وأحيانًا أكثر أيأسُ من إتيانك، جعلت النهار ليلًا في عيني، وصارت الحدائقُ كما الجحيم في نظري، مُصابٌ بالخوف دائمًا، أشعرُ بالارتياب دائمًا؛ بسببك أنت لا أحد غيرك، أيها الحبيب الذي عليك إتكَّل قلبي، وما أذنبتُ في شيءٍ غير إيماني بما وعدت، هل يستحقُ فقيدٌ مثلي ما بدا له؟
غادر، أذهب بعيدًا كما اعتدت، واقطع وعودنا كيفما شئت، لا تبالي بقلبي، أنا كارهةٌ لك، لقد فرطت بي مسبقًا ونحن أقرب لبعضنا البعض من الجفنين والرموش، الآن لن أنتظر منك حفظًا لأي شيء بعدما حطمت كُل الذي بيننا، تخلىٰ كما تخليت من قبل، لا تأتي مُجددًا فأنا لن أنتظرك، كما انتظرت مسبقًا.